A
+A
-رندلى جبور - Media Factory News
يجري رئيس الجمهورية في بداية السنة الأخيرة من عهده تقييماً ذاتياً وبالصوت العالي. وهو يتحدّث أمام زوّاره عن أبرز الإنجازات خلال السنوات الأولى، وعن أربع مصائب كبرى وعن صراع عاشه مراراً بين عقله وقلبه وعن حالة صمود نادرة.
أمّا أبرز الإنجازات التي يفتخر الرئيس عون أنّها في سجّله الرئاسي فهي التالية:
* إفتتاح المسار النفطي في لبنان مع ما يستدعي ذلك من مراسيم واستدراج عروض وبدء التنقيب حتى ولو كانت الحسابات الجيوبوليتيكية تجري بما لا تشتهي السفن اللبنانية اليوم، ولكن على الأقل، فإنّ المسار بدأ.
* مكافحة الارهاب ومنعه من التسلّل إلى الداخل ومن تنفيذ عمليات في المناطق وتطبيق مفهوم الأمن الإستباقي.
* وضع قانون انتخابي نسبي لأول مرة أعاد للمسيحيين وللمنتشرين حقوقهم وأرسى العدالة في التمثيل.
* إعادة الإنتظام إلى المالية العامة ومن ضمنه الموازنات السنوية المغيّبة لسنوات وإرساء المراقبة على الصرف.
* إجراء تحقيق بالحسابات العامة السابقة وظهور فجوة مالية بـ27 مليار دولار وتتمّ متابعة المسار قضائياً.
* إعادة الإنتظام إلى الجسم القضائي ووقف خطأ التشكيلات القضائية. فأحياناً تكون العرقلة إنجازاً تماماً كعرقلة التمديد مثلاً.
* إجراء التعيينات في الدولة بعد شغور طويل، واعتماد مبدأ الشفافية والكفاية.
* إطلاق التدقيق الجنائي، الذي لولا ميشال عون، لما كان وُلد ولو بعملية قيصرية صعبة. وهذا المولود سيكون بطل الإصلاح الآتي.
* إحالة أكثر من عشرين ملف فساد دسم إلى القضاء، والعين على ميزانه.
* إعادة إحياء صلاحيات رئيس الجمهورية التي لم يمارسها رئيس قبله إن كان بالرسائل إلى البرلمان، أو بمنعه من الإنعقاد لتعطيل التمديد، أو بالإجتماعات المتخصّصة ومحاولة إيجاد حلول للأزمات أو بإحياء دور المجلس الأعلى للدفاع، أو بتثبيت شراكة الرئيس في عملية تشكيل الحكومة.
ولكن، لسوء حظ الرئيس عون أو لسوء نية الموجودين في السلطة، أو لسوء المشاريع الخارجية التي لا يعجبها الرئيس السيادي كثيراً، فقد واجه عهده مصائب كبيرة أبرزها:
* كورونا التي عطّلت البلد وشلّت الحياة الطبيعية فيه وأرخت بثقلها على قطاعات الصحة والإقتصاد والتربية خصوصاً.
* إنقلاب 17 تشرين الذي قضى على ما تبقّى من إمكانية النهوض، والذي ساهم في الإطباق أكثر على الإقتصاد وأدخل منظومة فساد مضافة إلى المنظومة القائمة وأخّر لبنان كثيراً بدلاً من أن يسهم في تقدّمه وخروجه إلى الضوء كما ادّعى أربابه. ومن نتائج 17 تشرين العظيم تهريب مليارات الدولارات إلى الخارج واستفادة المصارف وأصحاب العملات والعمولات على ظهر المودعين والشعب المسكين.
* إنفجار بيروت الذي التهم مرفأ ً وحجراً وبشراً ومالاً ومعنويات فكان الحدث الأعنف في تاريخنا الحديث على الإطلاق.
* الدين العام المتراكم والذي بلغ 158 مليار دولار، ولولا هذا الرقم الموروث والذي لا علاقة للرئيس عون به، لكنّا استطعنا لملمة أزماتنا.
ولم يكن ينقص، يقول البعض، إلا سقوط نيزك أو “الصاروخ الصيني الضائع”. ويسأل: ما ذنب ميشال عون وعهده في كلّ هذه المصائب؟ وأين تكمن مسؤوليته، هو الذي لا يملك السلطة الإجرائية؟
وفي خضمّ كل تلك المصائب، عاش الجنرال صراعاً بين عقله وقلبه. فعلى بال قلبه يعنّ الشعب المتألّم، وفي عقله ممنوع الإستسلام ويجب خوض المعركة الآن، لأنّه إذا لم يخضها هو بكل مفاصلها، فلن يخوضها أحد، وتضيع فرصة التأسيس للمدى البعيد. القلب يفرض حلولاً سريعة ولكنها لا تدوم، أمّا العقل فيفرض معركة قاسية ولكن نتائجها أفضل للناس. وانتصر عقل ميشال عون وقرّر الصمود، فكان صموده وشعبه استثنائياً، وبه سيكتب سنة إصلاحات وغداً أقوى وأنظف وأكثر ديمومة.