بقلم رزق الله الحايك -
في كل مرة تصدر فيها نتائج احصاءات جديدة، تشعر قيادة القوات اللبنانية بالضيق والخنقة.
فبحسب كل الدراسات الاحصائية، ما زال التيار الوطني الحر لا فقط متصدراً للساحة المسيحية انما ارقامه بارتفاع مستمر نتيجة انحسار التمويل المخصص لمهاجمته كما نتيجة استنزاف منافسيه لكافة وسائل الاغتيال المعنوي وافراطهم في اطلاق الاشاعات والحملات الشعبوية الكاذبة، لتتقارب اكثر فأكثر نسب تأييد التيار اليوم مع نسبة تأييده في الانتخابات النيابية السابقة في العام ٢٠١٨.
هذا الواقع أفقد القوات اللبنانية صوابها ودفع قيادتها نحو التخبط الاعلامي والتناقض في المواقف لتؤكّد كما في كل مرة كم تفتقد هذه القيادة للبُعد الاستراتيجي والمبدئي في مواقفها.
ففي حين تتعمق الازمة الاقتصادية والنقدية وينزلق المزيد من اللبنانيّين تحت خط الفقر، تتنصل القوات اللبنانية كعادتها من تحمّل مسؤولياتها الوطنية الناتجة عن كونها ثاني اكبر حزب مسيحي ويمتلك احدى اكبر الكتل النيابية، وتلجأ اما الى اطلاق شعارات سياسية فارغة او الى اصدار البيانات الصحافية المطولة والمملّة والتي لا تهمّ المواطنين المرهقين من الازمة المعيشية لانها بعيدة كل البعد عن الواقع وعن اوجاع الناس.
فمثلا، على الرغم من تكرار التسويق لانتخابات مبكرة، لم تستطع القوات ان تقنع المواطنين كيف لهذه الانتخابات ان تحل الازمة مع علم الجميع ان موازين القوى لم ولن تتغير، وفي حال حدثت اعجوبة ما وتغيّرت الموازين لصالح القوات، فهل يملك سمير جعجع تصوّراً او رؤية للخروج من الانهيار؟
وهل من عاقلٍ اصلا يصدّق ان الاصلاح سيأتي عن طريق القوات وحلفائها من الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل وحركة امل؟
لذلك، يسخر العونيون من الهجمات القواتية البالية التي تشتدّ مع كل احصاء جديد تصدر نتائجه لان هذه الهجمات سرعان ما ترتدّ على مطلقيها.
ومن الدلائل على ذلك، هو الارتباك الذي ضرب قيادة القوات نتيجة التفاعل الشعبي السلبي جداً مع تقديمهم الطعن الدستوري لوقف سلفة الكهرباء.
فهذا الطعن الشعبوي الفارغ المضمون والمخالف للاصول اصلاً نتيجة توقيعه من قبل ٨ نواب لا عشرة، كان حتماً ساقطاً شكلاً ومضموناً لولا وفاة القاضي انطوان بريدي، وحاولت القوات من خلال تقديمه تصوير نفسها كحامية لودائع الناس، غير انه في الواقع اظهرها حاميةً لمافيا المولدات والمازوت.
فلو تم قبول الطعن كما تتمنى القوات لكانت النتيجة استنزاف اكثر من مليار دولار اضافي من احتياط مصرف لبنان تذهب الى جيوب تجار المازوت ولكانت ارتفعت فاتورة المولدات أضعافاً مضاعفة على المواطنين.
ولا ننسى رواية وزير الطاقة الاسبق سيزار ابي خليل حول اقتراح سمير جعجع عليه ان يتخلى عن خطة الكهرباء مقابل دخول التيار والقوات في شراكة على مولدات الاحياء لتأمين تمويل لحزبيهما.
ونفاق القوات لا يقتصر على مواقفها السياسية وموقفها من سلفة الفيول، بل يشمل كافة خطة الكهرباء التي اعترفت القوات مراراً على لسان قائدها جعجع وسائر نوابها بانها خطة ممتازة مُنع وزراء الطاقة من تنفيذها ثم عادت لتهاجمها بعد ان صوتّت عليها مراراً وتكراراً في مجلس الوزراء كما في مجلس النواب.
ونتيجة تعدد الامثلة عن تقلّب مواقف القوات ورئيسها، اصبح العديدون يسخرون من جعجع ويشبهونه بوليد جنبلاط.
فالنظرة الى القوات تبدّلت حتى من قبل مناصريها الذين كانوا مغشوشين بها ويصفون حزبهم بالمبدئي والثابت على مواقفه فيما هم اليوم ضائعون ومحرجون امام اللبنانيّون وخاصة امام العونيّين الذين باتوا يملكون ملفات كاملة عن تناقضات مواقف القوات الموثقة على وسائل التواصل الاجتماعي وفي محاضر رسمية.
في الختام، لا يأمل اللبنانيون عموما والعونيون خصوصاً من قيادة القوات ان تتغير، فهذه القيادة ان كانت ثابتة على شيء فهو على التناقض والتقلب والشعبوية.
انما جلّ ما يعنيهم هو ان يأخذ القواتيون استراحة قصيرة مما يتقنونه، فالبلد قد ينزلق في الايام القليلة المقبلة نحو هاوية خطيرة جداً والحلول تحتاج الى اصحاب هممٍ على قدر المسؤولية كي يبقى البلد.
فأرجوكم يا شباب "لاحقين" عهالحركات.