HI,{{username}}
Manage account
Change password
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES

ليس الحوار مع صندوق الدولي ضروريًّا، لبنان ليس مفلسًا (بقلم جورج عبيد)

13
JUNE
2020
  • {{article.caption}}
  • {{article.caption}}
A
+
A
-
Print
Email
Email
A
+
A
-

بداءة الكلام كلمة سيد العهد: "ما حصل بالأمس نتيجة ارتفاع سعر الدولار من دون أي مبرر، يجعلنا نتساءل عما إذا كان الرقم الذي اعطي لسعر الدولار هو شائعة تم تعميمها لينزل الناس إلى الشوارع وتقع المواجهات؟ وهل هي لعبة سياسية أم مصرفية أم شيء آخر؟". ثم أكمل قائلاً: "الخبراء الماليون أكدوا انه لا يمكن للدولار او اي عملة اخرى ان تقفز خلال ساعات الى هذا الحد. وهذا ما يبعد صفة العفوية عن كل ما حصل، ويؤشر لمخطط مرسوم نحن مدعوون للتكاتف لمواجهته".
سؤال فخامة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، لم يكن عابرًا بالمقاييس والمعايير الظاهرة فيه. بل هو ناتج عن معرفة دقيقة بالأجواء التي أحاطت بالبلد حتى انسابت فيه واختطفته باتجاه إمكانيّة تفجير الفتنة. في موقعه، يمتلك الرئيس المعطيات والمعلومات ويسند رؤاه على محتوياتها، ويطلقها كتساؤل وليس كسؤال. ذلك أنّ السؤال يطرح بهدف المعرفة من خلال الإجابة، في حين أنّ التساؤل يطرح أحيانًا كثيرة من باب امتلاك المعرفة. الرئاسة رحم للمعرفة والرئيس يستوي على عرشها.
التساؤل الذي تفضّل الرئيس بطرحه هو المدخل لتوضيح ما حصل ليل أمس ووضعه تحت المجهر. وما حصل استدعى جلستين لمجلس الوزراء نظرًا لما يعرفه المسؤولون.
لم يكن ما حصل أمس الأوّل والبارحة وليد الصدفة حتمًا، بل وليد تنظيم ممنهج قادته غرفة سوداء دامجة ما بين الخارج والداخل، وعاملة بل عامدة على استبقاء الأرض اللبنانيّة ملتهبة بالثورات تمهيدًا للتوجّه نحو الفتن. فمنذ الصباح استفاق اللبنانيون على تحليلات وكتابات ومانشيتات حفلت بها الصحف على مختلف توجّهاتها تصدّت وبقوّة وتحريض لمسألة التعيينات التي أقرّها مجلس الوزراء. تبيّن أنّ التحريض انطلق من خلال تقاطع الأهداف ما بين السفارات وما بين قوى سياسيّة وعلى رأسها الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري وما بين المصارف والصرافين.
من قرأ أو سمع بعض هذا التحريض، تساءل عن سرّ هذا الضجيج، "وعلى أبواب اللاذقيّة ألف فيليب وفيليب". ثم أاكتشف السامع بأنّ الحديث عن المحاصصة لإيهام الناس، وقيادتها إلى أمكنة أخرى، ليجابه المحرِّضون بالتساؤل الموضوعيّ: "ألم تأتِ التعيينات في الحكومتين الحريريتين ممهورة بمبدأ المحاصصة"؟ ثم يظهر سؤال غريب وعجيب، ألسنا تائقين إلى التغيير والعهد عنوانه التغيير؟ لينكشف السرّ الدفين خلف هذا السؤال المفخّخ والهجين وقبل كلّ جواب. المطلوب إغراق العهد بالفراغ كما يحاولون إغراقه إلى جانب الحكومة بهذه الأزمة السحيقة والخطيرة التي لم يواجهها لبنان من قبل بهذا الشكل المتورّم بل المتوحّش.
لم ينتظر سعد الحريري ولا المتحالفون معه تلك السرعة المباغتة بإتمام التعيينات وإنهاء الملفّ. ليتّجه بعد ذلك نحو التحريض الممنهج، مستغلّين استبعاد محمد البعاصيري الأميركيّ الانتماء في السياسة من التعيينات، وقد استقبله القائم بالأعمال السعوديّ السفير وليد البخاريّ بطريقة علنيّة تستدعي طرح سؤال واحد، ما دخل السعوديّة به؟ بدأ الكلام يعلو على ارتفاع سعر صرف الدولار وبلوغه ما يفوق الخمسة آلاف دولار، وذهب بعض التجار في اليوم عينه لرفع سعر المواد الغذائيّة بطريقة مباغتة ولصوصيّة ومتعمّدة بهدف الضغط على الناس ودفعهم للتظاهر، بل... للفتنة.
كلّ ما حدث البارحة ليس له علاقة على الإطلاق بالمسألة الاقتصاديّة والماليّة، بل كانت التعيينات، والتي عدّت انتصارًا للعهد عنوانه الأساسيّ.
هذا استدعى ومن موقع الاستثناء والعجلة التئام مجلس الوزراء مرّتين ما بين السرايا والقصر الجمهوريّ. في جلسة البارحة كانت الوزير ماري كلود نجم نجمة ساطعة بالحقّ المبين. خرجت عن هدوئها، وبسبك حقوقيّ-فكريّ، وجّهت كلامًا واضحًا لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة هزّت فيه عرشه.
بدأت السيدة نجم كلامها: "لم نأت إلى الحكم لنجري تسويات ولا للدفاع عن الذين تسبّبوا بالأزمة. نحن نصطدم بنظام مهترئ فاسد ويعيد إنتاج نفسه. وضعنا خطّة ماليّة وعلقنا دفع السندات. عدا عن ذلك لم نجر التدقيق المحاسبيّ الذي وعدنا به. اصطدمنا بعدم وجود إرادة في مجلس النواب لإقرار القوانين بالصيغة التي تحقّق فعلاً مكافحة الفساد".
انطلقت من هذا التقييم الموجع للغاية في توصيف علاقة الحكومة برئاسة الدكتور دياب بالنظام المهترئ، لتطلق سهامها على رياض سلامة وتقول له: "أنت مسؤول لأنك مؤتمن على سلامة النقد والحكومات المتعاقبة والمصارف يتحمّلون أيضًا المسؤولية عما وصلنا إليه. التدقيق يجب أن يطال الحاكم ونوابه والمجلس المركزيّ وكلّ من تولّى مسؤوليّة عامّة في مجال الماليّة من وزراء ومديرين عامين ومفوّضي حكومة." وأكملت قائلة "يللي حامل 4000$ على الموتوسيكل بالضاحية مش هو سبب الأزمة. 17 تشرين الأول مش سبب الأزمة هذه نتائج الأزمة. والأزمة نتيجة سياسات مالية خاطئة بل مجرمة أدّت إلى هدر المال العام وتعميم الفساد بالدولة. الأزمة نتيجة هندسات مالية جرت لتغطية خسائر المصارف التي قامت باستثمارات فاشلة خارج لبنان.... "
وختمت متسائلة وبإصرار: "فيك تضبط الوضع أم لا؟ إذا نعم تفضل قول كيف وهلّق مش بكرا. وإذا تنعرف ونستنتج ولكن لن نقبل بعد الآن بالوعود الفارغة وما تقوم به يحملك مسؤولية جزائيّة".
كلام ماري كلود نجم خرج عن رتابة الكلمات المعهودة ووضعت إصبعها على الجرح، وحملت سلامة المسؤوليّة الجزائيّة بحال، وكالعادة، جاءت وعوده فارغة.
انتهت الجلسة الصباحيّة لنشهد لقاءين أساسيين جديرين بالاهتمام:
1-اللقاء الأول بين البطريرك المارونيّ مار بشارة بطرس صفير ورئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون. وفيه أظهر البطريرك حرصه على الرئاسة كقفزة نوعيّة فيها تحوّل إيجابيّ وضع فيه الإصبع على الجرح. جاء تصريحه بلوريًّا من هذه الناحية: "وهنا أود أن أوجه نداء الى كل اللبنانيين والمسؤولين أوّلاً والإعلاميين ثانيًا، بأننا جميعنا مسؤولون عن لبنان، وكلّنا مدعوون لبناء الوحدة الداخلية والمحافظة على الثقة به. أن أقول أن لا ثقة لي بلبنان هو أكبر خطأ. إن هذا الأمر خيانة، لأنّ هذا وطني وبلدي وعليّ أن أقدم له شيئًا ومن السَهل أن أنتقد، لكن من الصعب أن أعمل. أردت أن أوجّه هذا النداء ذلك أنه لا يمكننا كلّ يوم أن ننكَل بهذا البلد". ليقول فيما بعد: "تعالوا نحدّد المسؤوليات ونبحث في الأسباب التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه لاتخاذ الإجراءات اللازمة". أمام واقعيّة الكلام البطريركيّ البليغ والمتّزن كان لبعض النخب إضاءة إضافيّة ناشدوا فيه صاحب الغبطة على ضرورة الدعوة إلى قمتين:
أ-مسيحيّة-مسيحيّة، للبحث في الدور المسيحيّ المنتظر أن يكون شريكًا في تحديد دور لبنان ووظيفته امام ما يبدى من أطروحات صاخبة تعيدنا إلى حقبة الثمانينات من القرن المنصرم وعنوانها الفدراليّة، وفي ظلّ الحرب الأميركيّة عليه، وواقع الأزمة التي تطال لبنان وسوريا والمشرق وما يخفى تحت خطوطها من تسويات ومنطلقات تكوينيّة على أن تكون الدعوة محصورة بالبطاركة حيث بإمكانهم أن يعملوا ويحضّروا لنداء تاريخيّ أو وثيقة تاريخيّة، يحدّدون فيه الرؤى المسيحيّة الوجوديّة، التي من المفترض أن تظهر في المحطات التكوينيّة الجوهريّة.
ب-مسيحيّة-إسلاميّة، للبحث عن الصيغة الميثاقيّة من لبنان إلى عمق المشرق العربيّ. وللبحث عن دور لبنان تحديدًا وماهيّته في اللحظات الخطيرة التي نمرّ بها جميعنا على أن يخلو البيان المنتظر من القراءات الإنشائيّة ليصار إلى الانكباب على وثيقة تاريخيّة تكوينيّة ووجوديّة تطرح للبنانيين كوثيقة تغيير وتصون الوجود اللبنانيّ انطلاقا من تصريح البطريرك من على باب القصر الجمهوريّ.
2-أمّا اللقاء الثانيّ بين رئيس الجمهوريّة ورئيسيّ المجلس النيابيّ والحكومة، فخرج الرئيس نبيه برّي ليقول بأن الاتفاق تمّ على تخفيض سعر صرف الدولار إلى ما دون ال4000 ل.ل، وصولاً إل 3200 ل.ل. وأضاف اتفقنا على مخاطبة الصندوق النقد الدوليّ بلغة واحدة. وعن سلامة قال "نحن بحاجة إلى كلّ الناس وليس للاستغناء عن احد من الناس".
في الشقّ الأوّل من تصريحه لفت المراقبين كلامه على الاتفاق. وبرأيهم هذا وحده كاف لكشف كنه ارتفاع سعر صرف الدولار بمعانيه وأهدافه ومضمونه. لقد أضاءوا بقوّة على هذه الناحية متسائلين بحيرة شديدة عن دور الطبقة السياسيّة المباشر برفع سعر صرف الدولار ومنهم الرئيس نبيه برّي. ذلك أنّ استعمال الرئيس برّي لفعل "اتفقنا" لا يعني الرئيسين عون ودياب، بل قد جاء برؤيته بالاتفاق مع شركائه، وقد دلّ على أنّ قدرة تخفيضه موجودة عنده وعند شركائه السياسيين. بمعنى أن تلك القدرة كانت موظّفة (بفتح الظاء) ضمن جوّ دوليّ مستهلك للأرض اللبنانيّة وملهِب لها، وموظِّفة (بكسر الظاء) بدورها للصرافين ولقظاعات أخرى في سبيل الشحن نحو الارتفاع. وبرأي المراقبين هذا الكلام لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام من دون توضيح وجلاء. وفي كلّ الأحوال إنّ الطبقة السياسيّة شريكة للمصارف والصرافين ومصرف لبنان الذي رفض الرئيس برّي إقالة حاكمه في هذه الحرب التي تشنها الولايات الأميركيّة على لبنان وسوريا معًا.
ليس الكلام الفصيح هنا. بل عند ديفيد شينكر أولاً وقد دأب على تحديد أهداف الحصار على لبنان، ليأتي كلام المبعوث الأميركيّ لسوريا جيمس جيفري، وقد أكّد وبلا توريات بأنّ الإدارة الأميركيّة هي السبب في رفع سعر صرف الدولار في سوريا، وهذا بدوره ينسحب وبرأيه على لبنان على الرغم من الأسباب الداخلية لهذا الارتفاع. وأكّد بأنّ النظام السوريّ لم يعد باستطاعته تبييض الأموال في البنوك اللبنانيّة التي تعاني من أزمة.
أميركا تعامل لبنان وسوريا كعدويين أساسيين لها، وتحشد القوى السياسيّة وتشحنها إلى جانب المصارف لمحاربة لبنان كما سوريا بالدولار وهو الشبح. السؤال المطروح، هل السيدة دوروثي شيا التي تجاوزت مسالة التعيينات وقد احسّت بالهزيمة بسبب استبعاد أحمد بعاصيري قد انطلقت إلى مضمون تهدويّ عن طريق ترسيخ الاتفاق الذي أعلنه الرئيس برّي حتى نرى ماذا سيحصل مع صندوق النقد الدوليّ سيّما وأن الإدارة الأميركيّة قد انكشف أداؤها المعادي في لبنان، أو أنّ هذه مرحلة عابرة ولنا جولات أخرى تشبه جولة الأمس؟
ختامًا لا يزال إصرار الكثيرين على الحكومة اللبنانيّة لكي تتوقّف عن التفاوض مع صندوق النقد الدوليّ، لبنان ليس مفلسًا، من نهبه فليعد نهبه، ولتتفضّل معالي الوزيرة ماري كلود نجم الصائبة بمضمون خطابها وتحرّك، وبناء على كلامها العظيم، النيابة العامة وتحت رقابتها، لوضع إصبعها على الجرح الدامي، ولنتجه بقوة نحو سوريا، فهي مدخلنا إلى المشرق إلى الشرق، فنخلص معًا. المسألة كامنة هنا: إمّا نموت معًا أو نخلص ونحيا معًا.

 

جورج عبيد ,
MORE ABOUT
ADVERTISE HERE
JUST IN
TRENDING
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES
TRENDING
  • online ordering system for restaurants
  • The best online ordering systems for restaurants
  •