HI,{{username}}
Manage account
Change password
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES

تصريح بومبيو تشدّد في التصعيد، والشغب أحد أدواته - بقلم جورج عبيد

23
JANUARY
2020
  • {{article.caption}}
  • {{article.caption}}
A
+
A
-
Print
Email
Email
A
+
A
-

مرّة جديدة، كشف وزير الخارجية الأميركيّ مايك بومبيو في حديثه البارحة لوكالة بلومبيرغ ذلك الترابط المتين والراسخ بين دولته ومجموعة من الحراك تدأب بصورة شبه ليليّة على ضرب المقوّمات الاقتصاديّة والحيويّة في العاصمة بيروت، وهو عمل يرقى إلى الرؤية الأميركيّة الاستراتيجيّة ضمن حرب مفتوحة على المثلّث اللبنانيّ-السوريّ-العراقيّ، وثمّة معلومات أخرى أفادت وتفيد بأنّ الأردن قد ينضمّ في مرحلة لاحقة إلى مسيرة الفوضى الخلاّقة الاقتصاديّة والماليّة في مدى المشرق العربيّ.

تصريح مايك بومبيو إلى وكالة بلومبيرغ غير حائد ولا منفصل عن الأدبيات الأميركيّة المستترة مع دايفيد ساترفيلد منذ الصيف الفائت، وهو الذي وضع الأسس الثابتة، لعمليّة الانسياب الأميركيّة في المفردات اللبنانيّة الاجتماعيّة والماليّة باستجماعها ضمن مقدّمات تمهيديّة واستشرافيّة لواقع لبنان المقبل على مجموعة انفجارات، (ودومًا بالمنظور الأميركيّ)، وقد استتبعها بدوره بانسياب خفيّ في محاولة جذب لبنان نحو فتنة كبرى، كانت حادثة الجاهليّة قبلاً، ومن ثمّ قبرشمون بعدها إحدى الركائز الجوهريّة المبيحة لها، وقد سقطت من بعدما انكشفت. ثمّ أتى من بعد ساترفيلد ديفيد شينكر، بأدبيات ظاهرة وبلغة مشوبة بالعنف والغضب، ليستجمع القوى الماليّة والاقتصاديّة والمصرفية استكمالاً لعمل سلفه، ويحرّضهم على "العصيان الماليّ والاجتماعيّ-الاقتصاديّ)، مستغلّين سفر فخامة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، إلى الأمم المتحدة لإلقاء كلمة لبنان في الأمم المتحدة في أيلول الماضي لبثّ مجموعة شائعات حول انفلات وانفلاش الوضع الماليّ والاقتصاديّ وبلوغ الدولار نحو ال3000 دولار أميركيّ... إلى أن انفجرت الثورة في لبنان في 17 تشرين الأول سنة 2019 بتحريض أميركيّ واضح للوزير السابق محمد شقير.

في خضمّ انفجار تلك الثورة بثقلها النفسيّ والمعنويّ وتداعياتها الاقتصاديّة، صدح صوت جبفري فيلتمان أو (العزيز جيف) مجنّدًا فكره من ضمن تجاربه اللبنانيّة مع فريق الرابع عشر من آذار سابقًا، ومستجمعًا رؤاه سكبها في ورقة قراها في مجلس الشيوخ الأميركيّ بدعوة من مسؤول العلاقات الخارجيّة فيه إليوت إنغل، فأظهر الهدف المراد من خلف الضباب والغبار، وهو إسقاط نظام أساسه التيار الوطنيّ الحرّ من خلال جبران باسيل وحزب الله وميشال عون، وقد ذكر باسيل وحزب الله في ورقته أكثر من سبعين مرّة. ظنّنا في ذلك الحين بأنّ ورقة فيلتمان لا قيمة لها ليتبيّن بأنها عبّرت عن رؤية الإدارة الأميركيّة تجاه لبنان، ليأتي فيما بعد موقف كيلي كرافت السفيرة الأميركيّة في الأمم المتحدة معبّرًا عن تلك الأدبيات العدائيّة تجاه لبنان.

ومع تأليف الحكومة اللبنانيّة بسعي ودعم فرنسيّ-أوروبيّ وروسيّ فاعل وحاسم إلى جانب تأثير حزب الله ومن دون إغفال الدور السوريّ الخاشي من تعاظم الاضطرابات الأمنيّة في بيروت وطرابلس بفعل أعمال الشغب وتصاعدها وتأثيرها على سوريا، جاء تصريح مايك بومبيو ليقول: "رأيت ما جرى في الساعات الـ24 الأخيرة. لقد كنا واضحين جداً بشأن متطلبات الولايات المتحدة اللازمة للتدخل. لبنان يواجه أزمة مالية رهيبة مطروحة أمامه في الأسابيع المقبلة. نحن مستعدون للتدخل، وتقديم دعم، لكن حصراً لحكومة ملتزمة بالإصلاح. هذا مهم لأميركا، لكن إذا نظرتَ إلى الاحتجاجات التي تجري في بيروت وفي مدن خارج بيروت، يمكنك أن ترى، تماماً كما في بغداد - اذهب وشاهد الاحتجاجات في بغداد - إنها ليست احتجاجات ضد أميركا، هذه احتجاجات تطالب بالسيادة والحرية. الاحتجاجات في لبنان اليوم تقول لحزب الله «كفى». نحن نريد حكومة غير فاسدة تعكس إرادة شعب لبنان. إذا استجابت هذه الحكومة لذلك، وإذا كانت هناك مجموعة جديدة من القادة المستعدين للالتزام بذلك، ولتنفيذ هذا الالتزام، فهذا هو النوع من الحكومات الذي سندعمه حول العالم وهو النوع من الحكومات الذي سنساعده في لبنان".

لماذا أطلق بومبيو هذا التصريح في اللحظة التي تمّ فيها تأليف الحكومة، وعقد مجلس الوزراء جلسته الأولى وفتح الباب أمام ورشة الإنقاذ المطلوبة لبلد يتمزّق ويحتضر وينحدر من جديد إلى قاع الجحيم؟

ممّا لا شكّ فيه بأنّ مايك بومبيو تعمّد بصورة مباشرة الدخول في الملفّ اللبنانيّ والاستكانة في لحظة الأزمة بالإضاءة السلبيّة على مسالة التأليف وعلاقة الحكومة الجديدة بالحراك بمنطق التهديد والتهويل والتحذير، حتّى ولو نحا الحراك منحىً صداميًّا خطيرًا مخلخلاً الأمن الداخليّ والعام. يمعن بومبيو إقحام نفسه في المحتوى الأمنيّ الحامي للبلد بقوله: "إذا نظرت إلى الاحتجاجات التي تجري في بيروت وفي مدن خارج بيروت، يمكنك أن ترى كما في بغداد بأنها ليست احتجاجات ضدّ أميركا، هذه احتجاجات تطالب بالسيادة والحريّة". لم يشر الرجل على الإطلاق إلى المحتوى الاجتماعيّ والمطلب الماليّ، بل أشار إلى مسألة الحريّة والسيادة، وربطها بضرورة مواجهة الحكومة الجديدة لحزب الله، محذّرًا من مغبّة التعرّض للحراكيين الصداميين، مبيحًا وبطريقة شديدة الوضوح بديمومة الفوضى الخلاقة-الهدّامة لبيروت. وقد أقحم في كلامه أداة الشرط "إذا" مشترطًا المساعدة الماليّة بحال استجابت الحكومة للمنطق الأميركيّ الآحاديّ وقرّرت إحراج حزب الله بغية إخراجه من المعادلة.

إنّها الحرب الأميركيّة المسعورة على لبنان. حرب تتقولب ماليًّا واجتماعيًّا وأمنيًّا وسياسيًّا، وتفرض نفسها على الواقع الداخليّ وتثقل بثقلها على النمط السياسيّ، وتعمد على إشعال بلدنا وترميده ليس بهدف إعادة ترميمه وتطهيره من الفساد بل بهدف استهلاكه بالدرجة الأولى بوجه الحلّ في سوريا قدر الإمكان من باب التشدّد في الشروط ورفع السقوف لكسب أكبر قدر ممكن من الالتزامات في مشاريع الإعمار واسثمار النفط في شمال شرق سوريا، واستهلاك لبنان أيضًا وبدرجة مماثلة في سبيل منع الحفر على وجه التحديد في البلوك 9 من قبل شركة نوفاتيك الروسيّة وهو المتنازع عليه مع إسرائيل لأجل مصلحة إسرائيل، وإعادة خلط الأوراق الاستثماريّة-النفطيّة في لبنان، وفرض بسط السيطرة الأميركيّة عليها.

من الضروريّ جدًّا، وفي سياق قراءة التصريح، الإشارة إلى معنى الربط بين الحراكين في لبنان والعراق. ذلك أنّ الأميركيين، ومنذ اللحظة الأولى لانفجار الحراك، أي في 17 تشرين الأول الماضي، عمدوا في أدبياتهم على الربط بين العراق ولبنان، لتبدو "الثورة" في لبنان نسخة طبق الأصل عن "الثورة" في العراق. فإذا ما راقبنا سياق الأحداث في العراق ولبنان لاكتشفنا بأنها نفسها ولم تتغيّر، وإذا شخّصنا بالمطالب الواردة خلف الشارع لرأينا أنها نفسها ولم تتغيّر، وإذا تأمّلنا بالنتائج لفهمنا بأنّها عينها وقد أسقطت الهيكل السياسيّ وأرهقت الجسد الأمنيّ في كلا البلدين بهذه الفوضى المستبيحة ليس لتكوين البلدين فحسب بل للخصوصيّة فيهما وخصوبتها في تأمين الديمومة الحرّة والسيّدة. 

لقد ظهر ومن دون أدنى شكّ، أنّ أحد الأسباب الجوهريّة للفوضى المنتشرة في أرجاء العراق سببه أنّ الحكومة العراقيّة قرّرت بسلطانها الشرعيّ، كسر الطوق الأميركيّ، والاتجاه بفتح اعتماد تجاريّ مع الصين بمبلغ قدره 400 مليار دولار أميركيّ، فضلاً عند دور الحشد الشعبيّ في حماية العراق ومكافحة القوى التكفيريّة فيه وعلى الحدود مع سوريا، وعلى هذا جنّ الأميركيون وتشدّدوا في الحرب على العراق، ومن أسباب الحرب الأميركيّة الماليّة والفوضويّة على لبنان، تشديد رئيس البلاد العماد ميشال عون على إعادة النازحين السوريين إلى سوريا وعدم دمجهم في المجتمع اللبنانيّ، وهو ما ترفضه وتحاربه الإدارة الأميركيّة، وإعلانه بأنّه سيزور سوريا للقاء رئيسها الدكتور بشّار الأسد بهدف البحث معه حول هذه المسألة وفتح "كوريدور" اقتصاديّ تجاريّ مع سوريا، ومن ثمّ تشريعه لدور المقاومة في مواجهة إسرائيل مثنيًا على دورها في الحرب على القوى والحركات التكفيريّة في سوريا، وهذا ما دفع الأميركيين للجنون والتشدّد بالحرب الماليّة على لبنان، من دون أن ننسى معارضتهم الشديدة لفجر الجرود.

مايك بومبيو في تصريحه إلى وكالة بلومبيرغ، أكّد المضيّ في الحرب على لبنان بشراسة مطلقة. إنّه يطالب برأس حزب الله، وإسقاط عهد ميشال عون، وعدم الحفر في البلوك 9 على وجه التحديد. ويشدّد بهذه الفوضى الخلاّقة الخناق على روسيا في سوريا، والتي قدرت إلى الآن على دعم قتح الأقنية بينها وبين دول الخليج بغية ولادة بداءات مثمرة تصالحيّة وتسوويّة، وبينها وبين تركيا في موسكو، ودشنت موسكو فيها أنابيب الغاز. هذه الرؤى المسكوبية أغاظت واشنطن مثلما الرؤى الأوروبيّة وتحديدًا الفرنسيّة في لبنان المصاحبة والداعمة لتأليف حكومة تمثّل فيها حزب الله أغاظها ودفع بومبيو إلى كلام من هذا العيار.

السؤال الأخير والمطروح، أين روسيا من هذا الكلام، وأين سيكون موقع الحكومة الجديدة منه؟

الجواب الأخير، لا يزال صدر كلام السفير الروسيّ في بيروت ألكسندر زاسبيكين واضحًا، لن نقبل بأن يكون لبنان شوكة أميركيّة في خاصرة سوريا، وقد تكون زيارة الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين المرتقبة إلى بيروت خلال شهر آذار كما رشح إحدى علامات الجنون الأميركيّ المطلق. أمّا الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور حسّان دياب، فقد تلقّت وتلقّفت فحوى هذا الكلام، وقد نصح أحد الخبراء المصرفيين الكبار رئيس الحكومة الدكتور حسّان دياب وهو صديق مقرّب من دولته، بحال قرّر الأميركيون التشدّد في الحرب الماليّة على لبنان وإحكام الخناق على أعناقنا، فما عليكم سوءا الاتجاه شرقًا أي نحو الصين وروسيا، فمواجهة الحرب تكون بالتشدد الأمنيّ بوجه كل تخريب ممارس في بيروت ومعظم المناطق اللبنانيّة يتولاّها الجيش اللبنانيّ والقوى الأمنيّة، وبالمواجهة الاقتصاديّة بفتح الطرق من بيروت إلى دمشق وبغداد، وإلى الخليج أيضًا، وإرساء تعاون تجاري مع الصين. الحرب تتطلّب محبتنا وولاءنا وإخلاصنا للبنان وتأبى رزوحنا واستسلامنا لتداعياتها داخليًّا بتأمين الإصلاحات المنشودة والمطلوبة، واسترداد الأموال المهرّبة المنهوبة، ومكافحة مافيا الدولار، وفرض سعر موحّد لسعر صرفه، ووضع حدّ للغلاء الفاحش، وضرب المنظومة الحريريّة الراسخة بفسادها في الأمن والمال والاقتصاد،  بأدواتها ونحفظ سيادتنا بمقاومتنا لأدوات الحرب على وطننا بليّ أذرعها وسحق قوّتها بمنطق السيادة والكرامة والحقّ. خلاص لبنان ونصره وولادته جديدًا، أمانة في عنق هذه الحكومة الجديدة.

جورج عبيد ,
MORE ABOUT
ADVERTISE HERE
JUST IN
TRENDING
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES
TRENDING
  • online ordering system for restaurants
  • The best online ordering systems for restaurants
  •