HI,{{username}}
Manage account
Change password
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES

نهاية الحريريّة السياسيّة وبداية مرحلة جديدة (بقلم جورج عبيد)

16
DECEMBER
2019
  • {{article.caption}}
  • {{article.caption}}
A
+
A
-
Print
Email
Email
A
+
A
-

بقلم جورج عبيد -

شارف سعد الحريري على نهايته السياسيّة بمجرّد أن التمس من فخامة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون تأجيل الانتخابات من يوم الاثنين 16-12-2019 إلى يوم الخميس الواقع فيه 19-12-2019، وقد مال رجاؤه بأن تؤجّل ليوم الاثنين المقبل الواقع فيه 23-12-2019، أي قبل عيد الميلاد بيومين، لكنّ رئيس الجمهوريّة المؤتمن على الدستور اللبنانيّ، أجابه بحزم وجزم بأنّ الخميس هو اليوم الثابت للاستشارات النيابيّة من دون أيّ تأجيل. فلم يعد الترف مجديًا ولا الدلع مصيبًا في اللحظات البركانيّة المتفجّرة في الشارع وفي قلب العاصفة الوجوديّة التي يعيشها لبنان على الأصعدة كافّة.

كلّ قضيّة سعد أنّه فقد ذاته ما بين الداخل والخارج، بإصراره غير المبرّر على مناورات، لم تعد لها أي قيمة في مدى النقاش أو الاصطفاف السياسيّ، ولا، بالتالي، تجدي نفعًا، علمًا بأن ثمّة من رأه ولا يزال يراه مستويًا على عرش تمثيل الوجدان السنيّ بأكثريّته المطلقة. ما يفترض فهمه بأنّ استواءه على هذا العرش لم يعد لصيقًا ببيئته بل غدا مترجرجًا ضمن بحور من الوحول المتحرّكة وأجوف خال من محتوى أو معنى أو مغزى، ولا يرشح منه أيّ مضمون جديّ بإمكانه أن يبرزه ويثبته ويرسّخه على أرض الواقع. لقد ظهر التجويف بصورة مباشرة من خلال الانقسامات العموديّة داخل الطائفة التي والته ووثقت به فولّته وأظهرته على أنّه وريث للزعامة الحريريّة ومكمّل لدور أبيه الشهيد الرئيس رفيق الحريري. ميزة التجويف بوصف بنيويّ-شخصيّ أن سعد الحريري لم يعد يملك ما كان يملكه المغفور له والده. فقد أحرق إرث أبيه السياسيّ والماليّ والمعنويّ، ليس في لبنان فقط بل على مستوى علاقاته الخارجيّة سواء بالأوروبيين أو بالأميركيين والأساس على مستواه العائلي بالخليج العربيّ لا سيّما مع السعوديين والإماراتيين. لم يعد يملك وفي التوظيف السياسيّ أوراق القوة المؤثّرة على سياق اللعبة السياسيّة بخياراتها المتعدّدة والمتنوّعة، لم يعد قادرًا على ضبط إيقاعات التوازنات المطلوبة، هنا وثمّة، إنطلاقًا من طائفته بلوغًا نحو علاقاته بمعظم الطوائف، ولم يعد جديرًا على الاندراج في مشاريع اقتصاديّة وماليّة على مستوى ما يرسم للبنان، وقد انكشف فرنسيًّا على وجه التحديد في مسألة المخصّصات العتيدة أن ترد للبنان من مؤتمر سيدر، بحيث وردت معلومات للرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون تقول بأنّ الرئيس الحريري مرتبط بشبكة علاقات مستثمرين فرنسيين وأوروبيين، قرروا الاستفادة من نصف إيراد سيدر، وإبقاء النصف الآخر للبنان. وحين علم ماكرون اتصل بالمعنيين في المؤتمر وبالجهات المانحة وأخطرهم بهذه المثلبة، واتفق معهم بعدم إيقاف هذا المشروع كرمى للبنان، سواء بوجود الحريري أو عدمه، والأفضل بل الأكمل عندهم أن ينطلق المشروع بعدم وجوده على سدّة رئاسة الحكومة، والأطراف الرئيسيون في لبنان يعرفون ذلك حقّ المعرفة.

على هذا ما حصل اليوم تمتمة فصيحة وواضحة لاحتشاد الدول واصطفافها على سعد وليس معه. لم يعد بالنسبة إليهم حجر زاوية لحكومة جديدة أو نظام لبنانيّ جديد بأقصى الحالات. في مقالنا منذ يومين أظهرنا بأنّ الأميركيين غير متمسّكين ببقاء الحريري لحقبة طويلة، فقد وضعوا مهلة زمنيّة محدودة في التعاطي معه وبعد ذلك ينتهي دوره وينتفي معنى حصوره. وكشفنا، وبما لا يقبل الجدل واللبس، بأنّ الأميركيين يتعاطون مع المجتمعات المشرقيّة والعربيّة بصورة عامّة كمجموعات مستدخَلة في ثقافة الصفقات التي يدمنونها ويستعذبون بسطها. هذا تجلّى على وجه التحديد في طبيعة علاقاتهم ونوعيّتها بالأكراد في سوريا والعراق. وضع الأطراد ثقتهم بالأميركيين الذين ما لبثوا أن تعاطوا معهم بمكر وخبث وكمجرّد أدوات وأوراق معدّة إمّا للبيع أو المقايضة أو التصفية، وهي أعمدة ثقافة الصفقات. تلك هي مندرجات السياسة الأميركيّة في تعاطيها مع الأمم والدول والشعوب والإتنيات... ما حدث ويحدث مع سعد الحريري، أنّه شهد على المرحلة الأخيرة من الأزمة بإعداد أميركيّ محكم، ولم يستطع وبناء للاتفاق معه أن يبسط شروطه أو شروطهم في جوفها. لم يثبت في الرؤى فتحوّل إلى الفراغ، وهو يناور ويقاتل من فراغ.

العلامة الدالّة على معنى التخلّي الأميركيّ له بيان كتلة الجمهوريّة القويّة. لقد هبطت الكلمة بقوّة إلى عمق الكتلة وفعلت فعلها، فجاء البيان تخليًّا كاملاً عنه، ليفقد مع امتناع كتلتين قويتين وازنتين في المدى المسيحيّ، وإن بدا التمايز في أهداف الكتلتين، القوّة المسيحيّة الداعمة فبطلت الميثاقيّة بفعلها وسقطت إمكانية تعويم التسوية مع التيار الوطنيّ الحرّ من جهة، وانكسر جوهر التحالف مع القوات اللبنانيّة المعبّر عنها ببيان تكتّل الجمهوريّة القويّة برئاسة الدكتور سمير جعجع.

في المعلومات الدقيقة، فقد سعد الحريري الغطاء الدوليّ من كلّ حدب صوب. ثمّة إجماع دوليّ، أميركيّ، روسيّ، فرنسيّ، أوروبيّ، تركيّ، بعدم إعداده من جديد في موقع رئاسة الحكومة. ومن الجانب الخليجيّ-العربيّ، إن أطروحة تعويمه سقطت سعوديًّا وإماراتيًّا وقطريًّا، والإماراتيون مع المصريون فقدوا كلّ ثقتهم به من بعد إحراقه لإمكانيّة تولّي المهندس سمير الخطيب رئاسة الحكومة، لكون الأخير حظي بدعم إماراتيّ-مصريّ-سوريّ. سعد الحريري فقد وجوده السياسيّ في الداخل والخارج، فهل من إمكانية لتعويمه وإعادته لفترة انتقالية لرئاسة الحكومة؟

شخصيّة سياسيّة وازنة تحاول العمل على إعادة الحياة إلى العلاقة بين رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري، وبين الأخير والوزير جبران باسيل، ويعتبر بأنّه لا يمكن مواجهة ما يحدث إلاّ بإعادة اللحمة إلى الطبقة السياسيّة بوجه الاضطرابات التي حدثت في وسط بيروت بمعالمها ومعانيها. لكنّ مصادر سياسيّة أخرى عارفة، تبدي خشيتها من عدم نضوج أفكار مشتركة تحيي التسوية الآيلة باجتماع الوجدانات الثلاثة بمن يمثّل أكثريتها المطلقة. فسعد الذي فقد الغطاء الدوليّ، فقد الهالة التمثيليّة للوجدان السنيّ بأكثريته المطلقة وهو المتحوّل بفعل التطورات الأخيرة إلى مجموعة وجدانات.

تشير المعلومات الأخيرة بأن الحريريّة السياسيّة سقطت سقوطًا مريعًا وبتنا أمام مرحلة جديدة تتطلّب شخصيّة راقية وازنة من الوسط السنيّ، وقادرة على ضمان ديمومة لبنان بمؤسساته وسلطاته وعلاقاته بالخارج ومصالحه المتنوعة. وبراي عارفين، ثمّة اتصالات داخليّة وخارجيّة تجري مع المهندس فؤاد المخزومي، المعروف بعلاقاته الخارجيّة المتوازنة, ليست له عداوات لا مع أهل الخليج ولا مع أهل المشرق، ولا مع الأوروبيين ولا مع الأميركيين. ذلك أنّ فؤاد المخزومي رجل أعمال ناجح ورجل عطاء فاعل داخل طائفته وخارجها، لا يميّز به بين مسيحيّ ومسلم. يتمتّع فؤاد بعلاقات طيبة مع فخامة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون كما مع دولة الرئيس نبيه برّي، وعلاقته مع حزب الله مضيئة بالتواد والاحترام والتقدير المشترك، كما أن علاقته صداقة قويّة تربطه بجبران باسيل. يملك الرجل استقلاليّة واضحة في القرار، وآفاق فكره استراتيجيّة، يعرف كيف يظهرها بقوالب عاقلة وراقية. ويعتبر نفسه في مواقفه المعلنة وغير المعلنة الأقرب إلى العهد، كما هو قريب من أهل الحراك بالسعي نحو ترسيخ الإصلاح المطلوب في النظام السياسيّ، وفي النظام الماليّ والاقتصاديّ، وهو من المنادين بمكافحة الفاسدين.
هل سيطلّ يوم الخميس ويحمل معه فؤاد المخزومي إلى رئاسة الحكومة أو أي شخصيّة أخرى إلى هذا الموقع؟ فلنترك الجواب ليومه، ولكن بات شبه واضح بأن الحريرية السياسيّة سقطت وتعويم سعد بات معدومًا.

 

 

 

جورج عبيد ,
MORE ABOUT
ADVERTISE HERE
JUST IN
TRENDING
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES
TRENDING
  • online ordering system for restaurants
  • The best online ordering systems for restaurants
  •