كل التفسيرات والاحتمالات حول مشهد الأمس واردة. لكنها بالتأكيد لم تعد مهمة. فرئيس الجمهورية بعد عودته من نيويورك، يبقى هو نفسُه كما قبلها الرجلْ الممسك بالقرار: من اتصالات الأحد الى اللقاء الابرز اليوم مع حاكم مصرف لبنان، عشية التعميم المرتقب للمركزي لتنظيم تأمين الدولار للمصارف لاستيراد البنزين والادوية والطحين.
بالتأكيد ان تأويل الرئيس عون ما لم يقصده في طريق العودة من نيويورك لجهة انه لا يعرف ماذا يحصل يضحده واقع ان الرجل يملك كل المعطيات ويدرك جيداً تقاطعَ الاحداث وتفاعلَها، وتاريخُه يشهد على ذلك. لكنه ككل مرة، يصوّب مسار الأمور ويحدّدُ المسؤوليات.
تقول المصادر الرفيعة للـotv ان اجتماع الرئيس عون برياض سلامة كان طبيعياً لاستفسار ما حصل من المعنيين. وهنا سلسلةُ اسئلة مشروعة ومحقة.
ما الذي حصل بين تطمين ما قبل مغادرة رئيس الجمهورية الى نيويورك، وعودتِه منها، مروراً بالاشاعات التي رافقتها فأزمة الدولار التي استجدّت بعد كلمته المحورية في الجمعية العمومية للامم المتحدة؟ فمواقف الرئيس عون لم تكن إلا مواقفَه الثابتة والتي عبّر عنها مراراً. لكن الفارق هذه المرة انه وَضع المجتمع الدولي كاملاً امام مسؤولياته في ملف النازحين السوريين وإلا فلبنان ذاهب للتفاوض المباشِر مع الدولة السورية لاعادتهم. وهو تمَسّك بحق لبنان في الدفاع المشروع عن النفس بكل الوسائل المتاحة في وجه الاعتداءات الاسرائيلية. كما تمسّك بالحدود البرية الثابتة دولياً والبحرية ، مرحباً بمساعدة اي دولة بترسيمها باشراف الامم المتحدة، كما بحقوق لبنان الغازية والنفطية. فهل كل هذه المواقف الوطنية مرتبطة، ولو بجزء منها، بحملة مضادة ما، تُقاد من مكان ما، لمحاصرة عهد الرئيس عون؟ ومن هو المتضرّر من هذا العهد الذي يعمل كما اعلن للاصلاح ومحاربة الفساد؟ خصوصاً ان الرئيس عون طرح ورقته الاقتصادية الاصلاحية المتضمنة مقترحات اصلاحية تقشفية لا بدّ ان تواكب الموازنة الجديدة التي يُفترض ان تقرّ في المهل الدستورية لأول مرة منذ ما يقارب العقد ونصف العقد من الزمن.
الحوار المالي في بعبدا انتهى الى الاتفاق على ان يفرج وزير المال عن اموال المستشفيات والمقاولين. فما الذي تحقق مما اتُفق عليه؟ وفي الورقة المالية في بعبدا تم الاتفاق على ان تعود المصارف الى إقراض اللبنانيين في الاسكان والمشاريع الاقتصادية والصناعية والزراعية والسياحية. فأين هي هذه القروض؟
الاتفاق شمل ايضاً الانتقال من الاقتصاد الريعي الى الانتاج. وخطة ماكينزي المرتقبة ستكون بحاجة الى خطوات تنفيذية. فما الذي تحقق منها؟ والأهم هل مَن يستفيد من الريع ويبقى التزامُه بالانتقال الى الانتاج مجرّدَكلام؟
والأخطر هل مَن يُريد اغراق لبنان بدءاً من ضرْب مكانةِ الدولة، المالية تحديداً والتي ذكّرت رئاسة الجمهورية بالعقوبات لمن ينال منها؟
يبقى ان بعضَ الخارج، يبدو أكثر حرصاً على صورة الدولة اللبنانية ومكانتِها من كُثرٍ في الداخل. فرنسا على لسان سفيرِها بالامس وبريطانيا في كلام سفيرِها للـotv اليوم تطمئنان الى ان لبنان لن ينهار. تماماً كما طمأن الرئيس عون قبل ايام وكما يجدّد في كل يوم ان لبنان لن ينهار وانه هو، لن يسمح بسقوطه.