HI,{{username}}
Manage account
Change password
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES

300 مليار دولار على أنقاض غزة: استثمار أم تصفية؟

10
JULY
2025
  • {{article.caption}}
  • {{article.caption}}
A
+
A
-
Print
Email
Email
A
+
A
-
 
في زمن الانهيارات الكبرى، تختلط أحلام الاستثمار بتقنيات الهندسة السياسية، وتصبح مشاريع "التنمية" مرآة مشوشة تعكس حسابات لا تمت بصلة للواقع الميداني.
 
هذا تمامًا ما يبرز في الخطة التي كشفت عنها صحيفة فايننشال تايمز، والتي تهدف إلى تحويل قطاع غزة إلى مشروع اقتصادي ضخم بتكلفة تتجاوز 300 مليار دولار، مدعوم من رجال أعمال إسرائيليين، وشخصيات ومؤسسات غربية، ومبني على فرضيات تجميلية تغفل ما يسميه الخبراء بـ"الأساس السياسي" لأي تصور تنموي حقيقي في أرض محاصرة وممزقة.
 
الخطة التي تداولتها تقارير إعلامية – والتي تتضمن إنشاء موانئ عميقة، جزر سياحية، منطقة تصنيع ذكية بإشراف إيلون ماسك، وحتى تقديم تعويضات مالية لحث نحو 500 ألف فلسطيني على مغادرة القطاع – أثارت موجة من الرفض الأخلاقي والسياسي.
 
أستاذ العلوم المالية في الجامعة العربية الأميركية د. نصر عبد الكريم، وصف هذه المبادرة خلال مقابلة مع برنامج "بزنس مع لبنى" على سكاي نيوز عربية بأنها: "فاقدة للمشروعية، غير أخلاقية، ومجرد تصوّر هش لا يمكن قبوله حتى من الإدارة الأميركية نفسها."
 
فما هو مضمون هذا المشروع؟ وما دلالاته الاقتصادية والسياسية؟ وهل الاستثمار في غزة ممكن دون معالجة جذور الأزمة وواقع الحرب؟ هذا التقرير يتناول تحليلًا شاملًا لأبعاد الخطة، في ضوء قراءة نقدية تستند إلى الحقائق الميدانية والرؤية الاقتصادية الواقعية.
 
تفاصيل المشروع المطروحة تبدو في ظاهرها طموحة:
 
منتجعات فاخرة على الساحل وجزر اصطناعية تحت عنوان "ريفييرا غزة".
ميناء عميق يربط غزة بممر اقتصادي يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا.
منطقة تصنيع ذكية لتجميع السيارات بإشراف شركات أمريكية كبرى.
تعويض مالي بقيمة 9000 دولار لكل فلسطيني يقبل مغادرة القطاع، ضمن تصور لاستيعاب نصف سكان غزة في الخارج.
لكن خلف هذه المشاريع والبرامج الجذابة تكمن معضلة أخلاقية صارخة. إذ تنص الخطة بشكل غير مباشر على تحفيز التهجير الطوعي مقابل المال، ما اعتبره عبد الكريم "محاولة لتطهير ديموغرافي مغلف بالمال والاستثمار".
 
اللافت أن جهات مثل مجموعة بوسطن للاستشارات ومؤسسة توني بلير سارعت إلى نفي صلتها الرسمية بالخطة رغم ورود أسمائهما، مؤكدين أن من تورط فعل ذلك "بصفة شخصية".
 
"هذا يؤكد أنها مبادرة غير أخلاقية، لأن أي مشروع حقيقي كان ليحظى بتوقيع رسمي، لا بتصميمات مسربة وتنصل لاحق"، بحسب عبد الكريم.
 
غزة بين الخراب والتصورات الحالمة
بينما تتداول بعض الطروحات مشاريع "تنمية سياحية" و"تحويل غزة إلى ريفييرا شرقية"، ترسم تقارير المؤسسات الدولية صورة قاتمة تُظهر عمق الانهيار الاقتصادي والاجتماعي في القطاع. ففي عام 2024، سجّل اقتصاد غزة انكماشًا تاريخيًا بلغت نسبته 83 بالمئة، وفق البنك الدولي، في ظل عدوان عسكري مدمّر وحصار طويل الأمد، ما أدى إلى شلل شبه كامل في الدورة الاقتصادية.
 
أما الخسائر المادية المباشرة فقد قُدّرت بنحو 29.9 مليار دولار، وتوزعت بين البنى التحتية والصحة والتعليم والطاقة، فيما بلغ معدل البطالة 80 بالمئة، وهي من بين الأعلى عالميًا، بحسب تقارير أممية. وعلى الصعيد الصحي، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن خسائر تتجاوز 6.3 مليار دولار، مع تضرر 772 منشأة.
 
29.9 مليار دولار خسائر الدمار المادي في قطاع غزة
أمام هذه الأرقام، يرى عبد الكريم أن أي حديث عن تحويل غزة إلى وجهة استثمارية دون معالجة الجذور السياسية والإنسانية للأزمة، يبقى محض وهم اقتصادي. وكما يعبّر الناشط عبد الكريم: "أهل غزة لا يحتاجون مشاريع استعراضية، بل حلولًا حقيقية تضمن الكهرباء، المياه، والخروج من الحصار." وهو رأي يتسق مع قراءة اقتصادية تعتبر إعادة الإعمار مرهونة أولًا بإنهاء الحرب وفتح أفق سياسي شامل.
 
من الربحية إلى الشرعية: الشركات أمام اختبار الأخلاق
يشير عبد الكريم إلى أن الشركات الدولية لم تعد تعمل وفق منطق الربح فقط، بل تخضع لمعايير البيئية و الاجتماعية والحوكمة ويضيف: "حتى المشاريع الربحية الكبرى باتت ملزمة بمعايير المسؤولية الاجتماعية، ولا يمكنها تجاوز القانون الدولي أو التورط في عمليات تتضمن انتهاكًا لحقوق الإنسان."
 
ويوضح أن محاولة بعض الشركات ورجال الأعمال الإسرائيليين اللعب على وتر الربح من خلال هذه المشاريع لن تصمد طويلًا أمام ضغط الرأي العام الدولي والمؤسسات القانونية.
 
"من شارك من الشركات أو الأفراد سيدفع الثمن، حتى وإن تبرأت منهم مؤسساتهم لاحقًا"، وفقا لتصريحات عبد الكريم.
 
في المقابل، يُشيد عبد الكريم بخطة عربية قادتها مصر، السعودية، الإمارات، والأردن، بدعم فلسطيني وتنسيق مع الأمم المتحدة، قُدرت تكلفتها بـ 53 مليار دولار، وجاءت على مرحلتين:
 
إغاثة عاجلة لاحتواء الأزمة الإنسانية.
 
إعادة إعمار استراتيجية قائمة على ثلاث شروط رئيسية:
وقف الحرب الإسرائيلية.
انسحاب القوات تدريجيًا.
رفع الحصار وفتح المعابر.
كما تتضمن الخطة بندًا تنظيميًا أساسيًا: وحدة المرجعية الفلسطينية في إدارة الإعمار، من خلال لجنة تكنوقراطية تابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، تكفل شفافية التنفيذ وتوحيد المسار السياسي.
 
كما حذر عبد الكريم من أن "أي مشروع إعمار لا يسبقه اتفاق على مرجعية فلسطينية موحدة سيكون عرضة للفشل والانقسام".
 
التنمية ليست بديلًا للحرية
ما تسوقه بعض الأطراف على أنه استثمار ضخم في غزة، ليس سوى تصور مشوّه للتنمية، يُغيّب العامل السياسي ويُقايض الناس على بقائهم في وطنهم مقابل حفنة دولارات. فـ"الاستثمار الحقيقي لا يبدأ من تهجير السكان، بل من إنهاء الحصار، وإحلال السلام، وتمكين الناس من تقرير مصيرهم"، كما يقول عبد الكريم.
 
إن اختزال القضية الفلسطينية في أرقام ومشاريع لا يعالج جذور المشكلة، بل يعمّقها.
 
الحديث عن استثمار بقيمة 300 مليار دولار في غزة، دون إنهاء الحرب ورفع الحصار، لا يعدو كونه وهمًا اقتصاديًا تغلفه لغة البزنس وتُسوقه النوايا الانتهازية. ومهما بلغت قدرة الخطة على الإقناع من الناحية الشكلية، فإنها تفتقر للشرعية السياسية والأخلاقية والواقعية.
 
فكما لخّص عبد الكريم: "نعم، يمكن بناء غزة، لكن ليس على أنقاض كرامة شعبها... ولا على جثث ضحاياها."
Skynews
MORE ABOUT
ADVERTISE HERE
JUST IN
TRENDING
HEADLINES
{{headlineCount}} new {{headlineCount == 1 ? 'update' : 'updates'}}
+ MORE HEADLINES
TRENDING